مشهدٌ :
المكانُ : شارِعٌ عامٌ ..
الأبطالُ : رجلٌ مُسنّ و شيخٌ فاضلٌ ..
كانتِ الإشارةُ حمراءٌ فتوقفت سيارتانِ بجانبِ بعضٍ , فتحَ الشيخُ نافذةَ السيارةِ
ليلقيَ التحيّة على الرجل المسنّ الذي يقف بسيارته بجانبهِ , وأتبعه ذلك الرجلُ
ففتحَ النافذةَ ..
الشيخ : السلام عليكم ورحمة الله ياعمّ ..
الرجل : هلا مرحبا ..
الشيخ : السلام عليكم ورحمة الله ..
الرجل : حيّاك الله ..
الشيخ : السلام عليكم ورحمة الله ..
الرجل : ياميّة هلا ..
الشيخ : جزاك الله خيرا ياعم , ردّ السلام واجب بقول : وعليكم السلام ورحمة الله
ثم بعدها قل ماشئت من : هلا مرحبا وغيره ..
الرجل : يابني , جزاك الله خيرا , تعرف أني رجل كبير , وقد اعتدت على هذا
الجواب ولم يخبرني أحد قبلك بهذا ..
الشيخ : لا بأس ياعمّ , هأنا أخبرتك اليوم ..
ثم سأل عن حاله , واخضرّت الإشارة فاستعدّا للسير ..
الشيخ : عن اذنك يا عمّ , مضطر للسير , السلام عليكم ورحمة الله ..
الرجل : هلا مرحبا ..
رجلٌ كان مدخنا منذ خمسة وعشرون عاماً , نصحه الأهل والأحباب وأغروه ليترك الدخان
بشتى الطرق , وكان جوابه واحد :
مستحيل , أنا أدخن منذ سنين , لا أستطيع ترك التدخين أبداً ..
أصيب بوعكة صحيةٍ دخل على إثرها المستشفى , أخبروه أن كلا كليتاه قد توقفت عن العمل
بنسبة كبيرة و .....
أمراض عديدة قد أصابته , وإن لم يتوقف عن التدخين فقد يتوفى !
توقف فورا ودونما مشاكل , فلا شيء أغلى من حياته ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
مساؤكم وردٌ أحبتي ..
كثيرا ما نقرّ ونعترف عن بعض عاداتنا التي نمارسها , ونحن على علمٍ بأنها خاطئة , لكن مشكلتنا في تغيير تلك
العادة المتأصلة فينا منذ سنين أو ربما بعضها ورثناها أباً عن جدّ ..
فالقصة الأولى مثلا , الرجل المسن قد اعتاد لسانه على كلام معين , وعندنا علم أن ردّ السلام واجب وأقر واعترف بذلك ,
إلا أنه في نفس اللحظة نسي أيضا , ولم يكن ذلك عناداً منه , بل هو نسيان ..
بعكس صاحبنا المدخن , ربما لا أسميه عنادٌ أيضا , لكنه هو بنفسه لا يريد ترك التدخين , فلو أراد
فعلا لتمكن من ذلك , ولا شيء مستحيل رغم صعوبته ..
إن تغيير العادات أمرٌ صعبٌ للغاية على أغلبِ الناسِ , لكنها مع الإرادة القوية والعزيمة الصادقة
قابلة للتغيير , والشارع الحكيم يأمرنا لمحاولة التغيير لكل عادة سيئة والسيطرة عليها والإنتصار على هوى النفسِ ..
والتفكير هو من أهم العوامل المساعدة على التغيير , فلو فكر الإنسان فيما يفعله وأنه خطأ يريد
تغييره لتمكن من ذلك , فالتفكير يولد طاقة إن لم نعتني بها فسرعان ماتموت , وتستمر العادة بعدها في حربها ..
إن الكثير من الناس لهو متمسك ببعض العادات والتقاليد السيئة وبعضها الغير مفيدة التي ورثها من أجداده رغم
أنها لا صلة لها بديننا , وعذره كما كان عذر الأولين ( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ )
وقد وبخهم الله عز وجل في كتابه , وذكرهم بدور عقلهم وتفكيرهم فقال :
( أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ ) ..
وأنتم يا أحبتي , هل هناك عادة تودون الخلاص منها وأنتم غير قادرين ؟
وهل هي عادة شخصية من صفة فيكم أنتم أو عادة ورثتموها من آباءكم ؟
وفقكم الرب جميعا ..